هدوءٌ خيّم على المكان ، صمتٌ طويلٌ و تام ، كُل شيٍ ساكن !
كانت الضجةُ في الداخل ، صخبُ مَهيب !
كَانتِ الثانيةُ ليلًا كُنت أحاول أن أنطق جُملةً واحدةً فقط دون
أن تتشقق الكلمات ؛ حروفِي تُسرق من فمي و حُنجرتي تبتلعُ
صوتي على مضض و بازدراء ..
كُنتُ أتأمل جِدار الصمت بـِ كَمدٍ و غَمّ شعرتُ أنه الشيء الوحيد
الذي يشبهُني لا يملكُ صوتًا و لا يهتز من مكانه ، لا يستطيعُ
أن يلفظ الجُملة، أغمضتُ عيني ، أطلقتُ زفراتٍ لعلها
تُخلصني من هذا الضنك ، يالله إنني اتعفن هُنا ؛
قُلتها ؛ نداءٌ أُطلقَ من جسدي ؛ لكن لساني كان لايُجيد شيئًا
سوى العجز ؛ يُخرج كلماتٍ متقاطعة كالتي كُنت
أكرهها في الصُحف.
لم أكن أُريدُ أن تقامُ طقوسُ مواساةً بِجوار سريري ،
أُمنياتٌ كثيرة أعظمُها أن لا أفتح عيني مُجددًا ، أن لا أحاول
شعرتُ لوهلةٍ أنني ميتةً و لكنِ أتنفس !
تلك الليلة ظننتُ أنني لن أستيقظ من شدة وطأتها على قلبي ،
رأيتُ في المنام أنني أقفُ في مساحةٍ شاسعة
و صوتٍ ينادي في السماء : أركضِ بعيدًا عن هذه الأرض!
استيقظت سريعًا لأجدني توقفتُ عن الركض
و لكن تسارع ضربات قلبي يُخبرني أنني
قطعتُ شوطًا كبيرًا ثُم سقطتُ على ذاتِ السريرالبائس ..
قيل لي مرةً أن الكُتب سببُ ما أعيشه من تمزق
كُنتُ مرتديةً فُستانًا أسود ؛ قيل لي أيضًا أنه سببُ أحزاني
كانوا يلقون اللوم على الجمادات ليتجنبوا عناء الدفاع
و التبرير للأحياء، كانوا يعولون على الأشياء التي لا تنطق
و كُنتُ ألوم الأشياء التي تتنفسُ حولي و كُنت
أنا في مُقدمة المُلامين !
أعترفُ أنني مضيتُ بعيدًا عن تلك الحياة المُضنية
و أعترفُ أيضًا أنني مُنذ عامان و أنا لم أستطع
أن أكتب نصًا أُجملُ فيه مشاعري التي شعرتُ بها
و أنا أتقاتل مع الاكتئاب ؛ قيّل لي مرةً أن الاكتئاب
هو:العيشةُ الضنكًا التي يُعاقبُ الله بها من يُدبرُ عنه ؛
و كنت أعلمُ أن الله داخلي ، داخلي بشدة !
للدرجةِ التي أعلمُ فيها أنه يُصغي لنداءاتِ المبتورة
و لنشيجي المكتوم !
عامانِ من الصراع القاتل ، كان سلاحي نِداء !
أتذكرُ تلك الليلة جيدًا جدًا شعرتُ فيها
أن طاقتي البشرية نفذت و أنِ أهوي و أذبل و تغيبُ ألواني
أغمضتُ عيني و وضعتُ يدي على قلبي؛
موضعُ الألم و الخوف و القلق ، ناديتُ بصوتٍ لا يُسمع
و ليس له صدىً ، ناديتُ من أخمصُ القلب
وإلى قمة الحُنجرة وصل السماء السابعة دون حاجزٍ
أو بوابة عبور ؛
شعرتُ به ينطلقُ من صدري بِصدق : يارب إن لم تُغادرني
هذه الحرب ؛فَمكني أن أتقبّلها و أتعايش معها !
فقال الله كُن ؛ فَكُنت أتشبثُ بالحياةِ و أعضُ عليها بالنواجذ ...
-فاطمة ( عن ١٧-٦-٢٠١٩)
تعليقات
إرسال تعليق